نهاردة جالنا راجل عجوز العيادة وكان مُصر إصرار كامل

نهاردة جالنا راجل عجوز العيادة وكان مُصر إصرار كامل إنه يتكلم معايا ويتعالج عندي، حاولوا يفهموه إن العيادة للستات وبس لكنه رفض إنه يمشي وفضل يبكي زي الأطفال الصغيرين، خرجت من الأوضة على الدوشة ولقيت الراجل قاعد بيعيط وعمال يترعش بطريقة وجعت قلبي، قربت منه وحاولت أفهم هو بيعمل كدا ليه، وقالي إنهم رافضين يعالجوه وهو تعب ومش قادر..
طلبت من (أمينة) المُساعدة بتاعتي تدخله بعد الحالة اللي معايا، وفعلًا دخل بعد ١٠ دقايق وكان عندي فضول غير طبيعي إني أسمع منه وأشوفه ماله، ورغم إني دكتورة نفسية وبسمع حاجات غريبة جدًا إلا إني كنت حاسة إن الراجل ده هيحكي حاجة مختلفة تمامًا، وإن حكايته هتكون أغرب حكاية عدت على العيادة..
أول ما دخل بدأ يبص للفراغ بعيون شبه عيون الأموات وقالي إنه بيشوف مراته كل يوم في أوضتها وتحديدًا قاعدة على ماكنة الخياطة بتاعتها
بتخيط، وإنها بتصحيه كل يوم الساعة ٣ بالليل وتفضل تنهج وتقوله إنها مش قادرة تتنفس، فكرت شوية وحسيت بإحباط شوية لأنها حكاية عادية واحتمال تكون مراته مريضة ولا حاجة..
اتكلمت معاه وقولتله:
ـ طيب ما تكشفلها عند دكتور صدرية يا حاج..
لقيته بص ناحيتي بصة مُخيفة أوي وقال:
ـ أكشف عليها ازاي وهي مېتة من ٣ سنين كاملين..
معرفش ليه جسمي اتنفض أول ما قال كلامه وبدأت اتأمل الحالة اللي قدامي، طلبت منه دليل يثبت كلامه ده لقيته بيطلب شهادة الۏفاة بتاعتها؛ (نعيمة السيد مُحسن أبو النصر)..
وفعلا تاريخ الۏفاة من ٣ سنين، فضلت أتكلم معاه شوية لحد ما في النهاية وعدته إني هلاقي حل قريب وانتهت الجلسة، ولغيت بعدها كل الجلسات لأني فعلًا مبقتش قادرة أتحمل، وتحديدًا فكرة المۏت بترهقني جدًا جدًا بعد ۏفاة بنتي الصغيرة قدام عيني في حاډثة، الحاډثة اللي خلتني أبعد
تمامًا عن ربنا وأسخط على القدر وأعيش لنفسي وحياتي وبس، عشان كدا أشفقت عليه من فكرة إنه يفقد حد عزيز عليه، لأن الفكرة دي قادرة تدمر أي إنسان، لما في لحظة تفقد أعز الناس ليك وتتفاجئ إنه هينام لآخر الدنيا في قبر مُظلم وعلى رملة خشنة..
ورجعت بيتي وأنا مشغولة بموضوع الراجل ده جدًا وعمالة أفكر، وكان الاحتمال الأكبر إنه يكون مصاپ پصدمة كبيرة لأنه فقد مراته ومش قادر يتقبل غيابها عنه، وده مرض نفسي شهير والعلاج منه بيحتاج وقت، عشان كدا خدت رأي دكتورة زميلة وأيدتني في الرأي وقالت إنها هتحضر الجلسة التانية معايا لأن الموضوع كان مثير جدًا بالنسبالها..
ونمت ليلتها وصحيت مڤزوعة في نص الليل على كابوس مُرعب، شوفت واحدة وقفة قدام سريري وأول ما فتحت عيني صړخت صړخة خلتني أقع من على السرير، كابوس خلاني صاحية طول الليل ومقدرتش أنام ولو لحظة واحدة لحد ما
زارنا الراجل العجوز مرة تانية وكانت زميلتي معايا..
وبدأ يحكي عن مراته اللي كانت أشطر خياطة في المنطقة وكان بيعشقها عِشق غير طبيعي، مراته اللي صحيت في يوم مش قادرة تتنفس وفضلت تنهج لحد ما ماټت قدام عنيه والإسعاف مكنش لسة وصل، ماټت وهو مش عارف ينقذها، وفضل يبكي بكاء غير طبيعي وقال إنها رفضت تسيبه وتمشي وموجودة معاه بس وجودها مُخيف أوي وأوقات بېخاف منها ويفضل يعيط في الحمام لوحده..
نظراته وطريقته كانت صادقة بطريقة تخوف، بس أوقات المرضى النفسيين بيكونوا صادقين في مشاعرهم جدًا، ولما انتهينا اتكلمت مع زميلتي شوية ولقتها بتتحاشى إنها تحكي أو تتكلم معايا ومشيت على طول، وتاني يوم لقتها بتتصل عليا وكانت بتنهج وصوتها متوتر جدًا، سألتني إن كنت بؤمن بالجِن والحاجات دي، ضحكت على كلامها وسخافتها لقتها بتقول وبتأكد إن الموضوع استحالة يكون مرض نفسي،
وإن الموضوع أكبر من كدا
لمتابعة القصة اضغط على الرقم 2 في السطر التالي