نهاردة جالنا راجل عجوز العيادة وكان مُصر إصرار كامل

ضحكت من كلامها أكتر لحد ما صوتي بقا عالي وقولتلها بالنَص:
ـ عيب يا بنتي أحنا دكاترة مش دجالين.. لقتها قفلت في وشي، ودي كانت أول مرة نشد مع بعض ونزعل بالطريقة دي، وعلى آخر اليوم زورتها واعتذرتلها لقتها قاعدة في شقتها خاېفة وشكلها غريب، وفضلت تأكد إن الموضوع أكبر من مجرد مرض نفسي، وعشان أقنعها إنه مجرد مرض نفسي عرضت عليها نعمل زي زمان وننزل زيارة ميدانية لشقة الراجل ونقرر هناك هو جن ولا مرض نفسي..
وفعلًا روحنا زيارة مفاجئة لبيت الراجل اللي كنا مسجلين عنوانه، مكان قديم وشقة متهالكة، حقيقى تحس بالخۏف وأنت داخل، أول ما شافنا وعلى عكس المتوقع رحب بينا ترحيب غير طبيعي، دخلنا الصالة وعملنا شاي وقالنا إن الأوضة دي هي أوضة مراته وإنها مقفولة من جوا، وهي بتفتحها وتخرج بالليل بالمفتاح وبعدين تقفلها بالنهار، الغريب إن الأوضة كانت مقفولة فعلًا والمفتاح في الباب
من جوا..
ومفيش أي شباك أو حاجة تدخل منها للأوضة، ولأول مرة من جوايا أحس فعلًا بالخۏف والقشعريرة، فضلنا نتكلم معاه لحد ما صاحبتي فضلت تكح مرة واحدة وكانت ھتموت، الراجل حاول يساعدها لحد ما اتكلمت وقالتله على اسم علاج ينزل يجيبه من الصيدلية بسرعة لأنها مش قادرة، حسيت پخوف عليها وأول ما الراجل نزل لقتها ابتسمت وقالت:
ـ يالا ندخل الأوضة بسرعة..
بصتلها بتوتر وعرفت إنها عملت مقلب في الراجل، وقبل ما أفكر هندخل ازاي لقتها طلعت مفتاح وحطيته في الباب وزقت بيه المفتاح اللي محطوط من جوة وعرفت تفتح الباب فعلًا، ودخلنا الأوضة، أوضة قديمة أوي ولكنها نضيفة جدًا وفيها ماكينة خياطة ومفارش كتير مطرزة وكأنها لسة معمولة..
صاحبتي دخلت وزقت الكنبة اللي في الأوضة ورفعت الفرش اللي عليها عشان نتفاجئ إن الكنبة معمولة على خرسانة، ولقتها فورا بتكلم الشرطة وبتقولهم في قتيل في
الشقة الفلانية، كل ده كان أكبر من استيعابي، وكلها نص ساعة والشرطة جت ومسكوا الراجل وكسروا الخرسانة واتفاجئنا بجـ ـثة جوا..
الراجل فضل ېصرخ ويقول:
ـ محدش هياخد مراتي مني..
بس الشرطة خدتها وبعد التحقيق ډفنوها، الراجل مموتهاش هي ماټت فعلًا بدون أي جناية، ولكنه ومن عشقه لها ډفنها في الشقة وفضل ٣ سنين يعاني من وجودها بسبب الړعب والهلاوس والحاجات الغريبة دي..
الغريب إن صاحبتي شافتها في شقتها وعرفت كل حاجة عشان كدا كلمتني وكانت خاېفة، وعرفت إنها راحت لصاحبتي لأني مكنتش هصدقها وصړخت قدام سريري ومشيت، وبعد ما الراجل خرج بشهر جالنا تاني وصاحبتي قالتله:
ـ علاجك مش هنا، خليك هنا وهجبلك اللي يعالجك..
شوية ورجعت براجل ملتحي شكله مريح جدا، الشيخ اتكلم وقاله:
ـ أحنا للأسف بنتعامل مع المۏت على إنه عڈاب ونهاية، ولكنه أوقات بيكون بداية لحياة تانية، حياة كلها نعيم
وراحة، ومراتك لو كانت من أهل الجنة فهي دلوقتي بتتنعم ومستنياك، وكان الواجب تدعيلها وتجتهد عشان تلحقها في الجنة مش تسخط على قدر الله وتعمل كدا، مين قالك إن المېت بيتدفن في التراب والضلمة، المېت الصالح جسمه بس اللي بيتدفن، إنما روحه بتروح للخلود، بتروح لرحمة ربنا، بتكون مستنياك عشان تلحقها، عشان ربنا يجمعكم مع بعض في الجنة..
كلامه رغم إنه كان للراجل بس كان وكأنه بيضربني على وشي، أنا ليه معملتش كدا ومعملتش اللي يخليني ألحق بنتي في الجنة، وقولت ربنا ليه يخليها ټدفن وتتعذب بالطريقة دي في حين إنها ممكن تكون في الجنة دلوقتي، ليه حكمت بنظرتي القاصرة، كان لازم أصبر على قدر ربنا وابتسم عشان ألحق اللي بحبها في الجنة، كان لازم أقول وقت المصېبة “إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ”..